الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

حروب الحروف

حروب الحروف
( فانتازيا أسطورية )


يحكى أنه فى مملكة قديمة كان يحيى سكانها فى أمن و أمان و فى سلم و سلام يتحابون فيما بينهم و يحيون فى رغد و وئام
ليس لديهم من دنياهم إلا حب و مودة و كل محبة ..
ليس بينهم حاقد أو حاسد ولا منهم مجرم أو قاتل..
كلامهم معسول و فهمهم مقبول و لا ينطق فِيهِمْ( فًمِهِم ) إلا بحلو البيان
ليس لهم إلا صنعتهم و حِرفتهم
كان يمهتنون فى الصباح المهن و فى المساء حرفتهم الكلام ....
نعم.........كان كل السكان صنعتهم و حِرفتهم الحديث
حلو الكلام و معسولُه
و سحر البيان و تكَوِينُه
عاشوا وولدوا لا يعرفون عن الحَرف إلا أنه لحسن الحديث و جميل الصنيع لا يعرفون إلا أن للحَرف وظائف كثيرة كلها فى مدح الذمم و ووصف المعانى و أن للحَرف هيبةٌٌ كبيرة
كانوا جميعهم يمتلكون زمام الحَرفِ و ناصيتِه... قلب الكَلِم و ّ ظاهِِرِهِ ... مهر الكلمةِ و صِمامِها.. حُلو المَعنى و باطِنِهِ
كانوا يتسابقون و يتنافسون فى وصف المعانى و سحر البيان.. يملكون أجزل و أروع الكلام
و فى يوم من الأيام و الكل نائم بسلام هاجمهم شرزمة من الأعداء راحوا يهروعون .. يهرولون يبحثون عن أى شئ للدفاع
اكتشفوا فجأة أنهم لا يمتلكون فى حياتهم إلا الحُروف و الكلمات ...قوة المعانى وجزيل الألفاظ
الأعداء تُغير ..........
و هم فى عزلة بلا تدبير .........!!؟؟!!؟؟
قرر أحدهم إستخدام الأداة و المهارة الوحيدة التى يَملك " الحَرف" ...........
فراح يقذف كلِماتِه فى وجه أعدائه
فتعجب؟؟ وجد أن الكلمة تهَوى فتُصيب و تُرشق فتنفذ .. تُوجه فتخترق
قذف الأخرى وجدها تُدمى...
صاح بقوة ..
صحية نصر ..
صحية منتصر مغوار و فارس مقدام
يا أهل المدينة ... إنكم تستطيعون المقاومة .. إنكم متأهلون للدفاع ..إنكم تملكون السلاح .. لقد كان خفياَ عنا وعنكم ... ... " الكلمات " ...
فهلمواااااااااااااااااااا
و بدأ القصف ..بدأ أهل المدينة كلهم فى التراشق بالكلمات مع الأعداء
بدأ سيل الكلمات يتهاوى
و تُقذف الكلمات فيسقط الضحايا ... يسقط قتلى ... صرعى .. يسقط شهداء
بدأ الجميع فى التراشق و القذف فوجدوا أن للكلمة قوة تقتحم الميدان
تنفذ .. تُدمى .. تُرهب .. تَكسر كل حواجز الصمت وتعبر حدود الشطآن
تجتاح النفس .. تخترق القلب و تقطع شرايين الأوصال.. تزحف فى كل الإتجاهات ..بدأ الزحف.. زحف الأحرف ......و الكلماتُ... بدأت تجتاح
فجأة إكتشفوا أن للحَرف إستخدام ....إستخدامٌٌٌ أخر غير الغَزَلٍ و مَعسول الكلمات إكتشفوا أن الحَرف ينتزع الآنات .... و أن الكلمة سيف و سهام و أن للبيان نبال
تفجر سيل الكلمات يُنادى و يَخسف و يزلزل الثابت من تحت الأعداء
عرف الكل أن الكلمةو الحَرف سلاح فتاك... يُسيل الدم و يحمى العرض و يدفع كيد الأعداء
الأحرف أسهم والكلمات سلاح ....... الكلمة نار
هرب الأعداء ..فر الأعداء ... لم يحتملوا لم يقوا على رشق الكلمات ....
لم يعد منهم أحد للآن .....
فى المساء.... صَخب .. هَرج .. مرج ... إحتفال
إحتفل أهل المملكة و المدينة فى كل مكان... حفل للنصر.. للفرح.. للإلهام
كشفٌ مذهل.. كشفٌ غِطَاءْ................ إكتشاف
أن الكلمة ليست فقط لمعسول الكلام هى سهم ..هى حبل ..هى مدفع ..هى دانة .. هى طلق ..هى درع ..هى نار...........
ولدوا وعاشوا .. ربوا و عرفوا و حفظوا أن قوة المعنى فى الإنسان
كان شعارا... كان لزاما : إن من البيان لسحراْ
اليوم عرفوا أيضا و لأول مرة : .. أن الحَرف.. لسهماْ
عاشوا حياة هادئة ..خالية البال
و فى يوم سجله التاريخ بحروف من دمع و لهيب
إصطدم طفل مارٌٌ بكبير و بدلا من أن يبتسم فى وجهه ويستأنف لحاله المسير
ماذ ا حدث و ربى فى تلك الليلة التى سٌطِرت فى عمر الدنيا ....
لقد وقف الرجل- من بعد أن عرف ما يملكه من سطوة - وقف يتراشق بالحرف و بالكلمات.. يا الله .. و لأول مرة يتراشق أهل الدينا فيما بينهمُ بالحَرف بالقذف و التشهير
رُحماك يا الله
أخذ الرجل يتراشق بالكلمة و المعنى و يقذف هذا اللفظ و يَهوى بذاك فيُصيب و يقذف تلك الكلمة فيُدمى و يُألم و لأن الطفل صغير ولأن ما فعل الرجل دون تفكير .... و لأن كل أهالى البلدة لم يعهدوا يوما التغيير ... لم يألفوا ذاك المشهد بالتأكيد ... بُهتوا .. صُرعوا .. ذُهلوا لم يتحرك منهم ساكن أو يتدخل فى الحدث و لو بقليل .....
لم يتحمل ذاك الطفل الألم ..الوجع و ما خلفه قذف الحرف من جُرح بالغ و خطير ........
........
سقط قتيل .. . سقط صريع....
آهٍِ ِ سجل يا تاريخ.. أول مقتول فى هذى الدنيا بسلاح .. "الكلمات " ..
لم يستوعب أهل الحكمة ما حدث فى مدينتهم الرغداء ..لم يستوعب أهل الخبرةو أهل الحِكنة ما آلَمَ بالسكان ؟؟......
فجأة ..حزنا .. كمدا .. إجتاح أهالى الأطفال بيت الرجل و تراشقوا بكل الكلمات تناطحوا و تتطاحنوا بكل ما يملكون من أحرف و نبال و سهام و كل ما يعرفون و يجيدوا من نَظم و حديث و بيان.......
قذفوا الرجل بكل الأدوات .. بكل الأسلحة و الذخائر و الإمداد .. بكل حرفٍ أو معنىً أو لفظِ أو كلمةْ
سقط الرجلُ.......... و هدأ الروعْ
سكنَ الإخوة
عفوا .. من كانوا أخوة
من يومها عرف السكان أنهم يمتلكون سحر البيان ...سلاحا حاداً فتاكاً .... سلاح المعنى و الكلمات .. فصاروا يستخدمون كل الأدوات .. فى كل الأوقات..
قََذفٌٌ.. إصابةِ أهدافْ .. يتراشقون بكل ثبات فى أى أمر أو حدث ماضٍ أو آتْ
من يومها بدأت تُفهم كَلمة.. " حرب" ..تُسمع لأول مرة فى القاموس..........كلمة جديدة تخترق الناموس.. " شهداء الحروف " .....
قتيل الكلمة و الحرفِ و شَهيدُه
من ذاك اليوم المشئوم عرف الإنسان أن للحرف مَهام.. .
مهام أخرى غير الإحسان
أن للكلمة طريق غير الإلهام
أن للمعنى قوة غير الإحياء
أن كما تبنى الكلمة تَهدم و أن الكلمة تُقذفْ.. فتُصيب ... فتَقتل و تُميتْ
من يومها عرف البشر و البشرية و لأول مرة حروباً لم تتوقف حتى الآن ... حربا ليست كباقى الحروب التى عرفتها الدنيا من قبل .إنها ..حروب الحروف .

حبة حروف : - مفتاح الجنة في كلمة।دخول النار على كلمة।وقضاء الله هوالكلمة।الكلمةلو تعرف حُرمة ।زاد مذخور ।الكلمة نور ।وبعض الكلمات قبور।بعض الكلمات قلاع شامخةيعتصم بها النبل البشرى .الكلمة فرقان بين نبي وبغي.بالكلمة تنكشف الغمة .الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة .عيسى ماكان سوى كلمة .الكلمة زلزلة الظالم. الكلمة حصن الحرية .الكلمة مسئولية . إن الرجل هو الكلمة .شرف الرجل هو الكلمة -- عبد الرحمن الشرقاوى مسرحية الحسين ثائرا
4/12/2010
فاطمة عبد الله

ليست هناك تعليقات: