السبت، 2 مايو 2009

إعتزال الحياه

فى لحظة حنين يأخذك الإشتياق لحضن دافئ تلقى به همومك و أحزانك تبحث عن يد تربت على كتفتك و تمسح دموعك حينما تشعر أن العالم كله على اتساعه يطبق عليك و يخنقك فتبحث عن متنفس ، عن مخرج تبحث و تبحث عن أذن أمينة تفضى إليها بأسرارك تبحث فى كل من حولك فتستيقظ فجأة على الحقيقة و تكتشف إنه " مفيش " .
تبحث فى نوتة تليفوناتك التى إمتلات عن أخرها بأرقام المعارف و الأهل و الأصدقاء و الأحباب و لم يعد بها مكانا فارغا لرقم واحد ....تفرها فرا صفحة صفحة حرفا حرفا و رقما رقما فتكتشف إنه " مفيش"..
تسرع إلى هاتفك المحمول الأحدث موديلا و الذى انتقيته خصيصا و أنت تشتريه لتتسع ذاكرته لعدد مهول من الأرقام ،، تقلب فى تلك الذاكرة المكتظة عن أخرها بما يتعدى الألف الاسم و التي دائما
ما تعلن شدة حمولتها برسالة
" memory is full"
تقلب و تقلب فوق و تحت مارا باسم اسم متذكرا البعض ناسيا البعض الاخر تكاد لا تتذكره نهائيا البعض تعرفه والبعض لا تدرى أين و متى و كيف لك بهذه الارقام تقلب ذاكرتك تعتصرها باحثا عن وجوه أصحاب تلك الأرقام تتذكر بعضهم والبعض الاخر لا تكاد تذكرة بل و تتعجب و انت تحسب عدد تلك السونوات التى مرت على معرفتهم !! فتكتشف أنك نسيتهم و نسوك من سنين و لم يتبقى منهم إلا تلك الأرقام فتكتشف إنه " مفيش"..
تهرع نحو حاسبك تفتح ايميلك تفاجأ بهذا العدد المهول الذى يملأ" الانبوكس "
"Inbox"
" من الايملات التى تعرف بعض اصحابها و الأخر إعلانات و الاخر
"forward"
"تتفحصها بعينك جمعيها باحثا عن غايتك و مرادك فتكتشف إنه " مفيش".....
تغلق الايميل و تسارع إلى الفيس بوك الذى تعدت قائمة أصدقائك فيه المائتين تبحث فى قائمة الأصدقاء عن تلك اليد و هذه الأذن تبحث و تبحث فتجد إنه " مفيش " ...

" تكوّر " نفسك و أنت تدسها فى سريرك تلتحف بأغطيتك الكثيرة تختفى فيها يسحبك كالرمال الناعمة فتختفى فيه أكثر تترك له نفسك لتنساب فيه ... فتكتشف حينها أنه لا يد ولا حضن سواه وحده يفهمك ، يسمعك يرتب على كتفك و تجفف مخدته دموعك ، تفضى إليه بأسرارك ، يسمع منك دون انقطاع ، دون استياء ....

فى لحظة يأس و أمل جديد تمسك بهاتفك المحمول ترسل رسالة من 3 حروف "
"SOS"
إلى العالم أجمع ، إلى المجهول ، إلى الغد ،تعبث يداك بعشوائية على ما تطأه يداك من
أرقام ثم تضغط " إرسال " تود لو ترسلها للعالم أجمع ..ترتفع ابتسامتك الهستيرية وأنت ترى
تقرير التسليم
"DELIVERY REPORT"
حينما يأتيك الرد فتكتشف أن الإرسال
"FAILED "
حتى رسالتك التائهة فى أغوار المجهول رفضتها الحياة هى الأخرى....

تغرق وقتها فى بحر أحزانك العميق تضربك بكل قوة أمواج آهاته تصارع أمواجه بما تبقى لك من حياه و أنفاس تضرب بذراعيك بعشوائية و قوة فى كل الاتجاهات ترى بعينك فقاعات الهواء الأخيرة تتصاعد منك نحو السطح.. بكل ما تبقى لك من حلاوة روح تضرب أكثر .... "تتخدل " ذراعاك.. تنهار مقاومتك .. تتيقن أنه لا فائدة و لا نتيجة تستلم فى هدوء و سلام و أنت ترى الفقاعة الأخيرة و هى تصعد أمام عينك لتستقر على صفحة الماء ثم ما تلبث أن تتلاشى فى سرعة معلنه إعتزال الحياه.
حبة حروف :-
الدهر يومان يوم لك و يوم عليك ، فإن كان لك فلا تبطر و إن كان عليك فصبر فكلاهما سينحر.
ليس لك من الدنيا إلا يومك و أمس ولى و غد لم يأت .