الاثنين، 11 أكتوبر 2010

الفراعين الجدد

و أنا أسير فى طريقى غارقة فى مشاكلى – سارحة فى ملكوت الله - إنتبهت فجأة على أصوات صراخ ونحيب عويل أسمعه بجانبى .. التفت حيث مصدر الصوت فوجدته .الرصيف.نعم الرصيف المجاور.......رصيف الكورنيش و ارتفع الصوت المبحوح من كثرة الصراخ و النحيب: يا ظالم يا مفترى حرام عليك ربنا ينتقم منك" ده أنا باجرى على يتامى ابوهم مشى و سابوهملى منك لله ربنا على القوى و المفترى ".........كان الصوت لبائعة تجلس امام فرشتها ببعض المأكولات والحلويات .لم افهم شئ بالطبع اللهم إلا لوعة هذه المرأةو احساسها بالقهر و الظلم البين الواقع عليها و قبل أن أتساءل و يأكلنى الفضول المعتاد وجدت ذلك الرجل المَعنِى بالحديث ذهب بغير اكتراث تاركا المراة و هى بتكلم نفسها أو بمعنى أصح" بتهاتى و بتدن فى مالطة " ناصحا إياها أن تخبط رأسها فى اقرب حيط!!!

تجمع حولها الباعة الاخرون و العيال " السّريحة" من كل حدب و صوب معرفش بصراحة جم منين؟ كل دول اللى من هنا واللى من هناك.. ذاك بائع حاجة ساقعةو الاخر حمص و هذا ذرة مشوى و تلك ورود و أخرى فل المهم كله جمع تمام فى ثوانى عندها ثم بدأ مسلسل "الطبطة و تطييب الخاطر ( بالطبع دون جدوى) " معلش يا اختى ما انتى عارفةالمعلم الكبير" مش هتعرفى تاخدى معاه لا حق ولا باطل" لازم تتدفعى يعنى هتدفعى ما كلنا بندفع هو حد يقدر يتكلم ؟؟.......

أخرى: ما تقهريش روحك يا أم دنيا!!

تستمر أم الدنيا فى النحيب غير مبالية بما تسمعه من كلمات لا تودى ولا تجيب و تقاطعهم "يعنى يا ربى الظلم فى كل مكان رحمتك يا رب أنا ست غلبانة أرزوقية على باب الله باجرى على رزقى و رزق عيالى الغلابة اليتامى يقوم الراجل الظالم اللى منه لله عايز ياخد منى نصف اللى باكسبه عشان يسيبنى قاعدة فى فرشتى.. تقاطعها زميلتها اللى واضح إنها عاملة فيها أم العريف قائلة: لا مش بس كده يا أم دنيا هو بيضمنلنا الحمايةو الامان يعنى لا حد يقومّك من فرشتك ولا حد ياخدها منك ولا ينازعك فيها

تقاطها أم دنيا غير مقتنعه و بصراحة (و أنا كمان): و لو ...ده إفترا و ميرضيش ربنا ياخد نص اللى باخده كده أتاوة غصب واقتدار هى فردة يعنى........

تقاطها أم العريف إياها: يا اختى ما كلنا شاغلين و ساكتين و راضين ما أنا قدامك أهو باقف بفرشتى و فى الاخر باديله نصف اللى باكسبة و الواد سيد اللى واقف على نصبة الشاى مهو المعلم سايبه يقف برضة بس عشان بيديله النص ده غير طبعا الشاى و القهوة كل يوم اللى بيخلصهم منه فوق البيعة. تسترسل : لية إنت مش فاكرة لسة الخناقة الكبيرة اللى كانت من اسبوعين لما ضربوا الواد اللى كان عايز يجى يقف هنا بشوية لعب و شرابات مش كلوه علقة موت لغاية لما عرف إن الله حق و راح حب على ايد المعلم و طلب العفو و السماح و عرف إن كل اللى واقفين هنا دول واقفين بالسماح والاذن و حسب القانون اللى ماشى على الكل ..المعلم اللى يحدد أى منطقة هتقفى فيها؟ و تدفعى كام و هياخد كام و تدفعى ايجار اليوم و هو اللى يقّدر إيجار الرصيف بتاع كل يوم حسب نوع الفرشة تضحك بضحكة ممزوجة بخيبة الامل .و هى تقول مش بس كده لية مسمعتيش عن التعديلات اللوكس الجديدة تقاطعها زميلة كفاح أخرى جائت عشان تطيب خاطر أم دنيا : تعديلات لوكس؟؟؟ لا لسة معرفتش: تضحك أم العريف( اللى خلاص سمتها كده يبدو أنها خبرةو تعرف كل شئ) فتقول لها: اه المعلم قال الفرشة المريحة يعنى مكان اكبر و واقفة على اقفاص ايجارها فى اليوم اغلى من الفرشة السادة اللى بنفرشلها ملاية على الارض و الفرشة اللى على ترابيزة ايجارها اغلى من اللى على اقفاص و اللى على طاولةو براميل برضة سعرها هيتغير اومال اية كل فرشةو ايجارها من اول السادة لغاية اللوكس :آآآآآه يقولها جميع الحاضرين فى نفس واحد و هم يهزون رأسهم فى دهشةو إستياء يبدو أنهم يسمعون الخبر لاول مرة : مش قلتلكم يبدو أن أم العريف هذه فعلا معاها أخر واحدث الاخبار ولا القنوات الفضائية فهى تذيع عليهم الاخبار جديدة نوفى طازة بنار الفرن و ليس فقط ذلك انها تنقل لهم التعليمات وأوامر المعلم الجديدة بطريقة غير مباشرة ...بدأت أشك فيها أنها أحد جواسيس المعلم المندسين مع الجماعة على طريقة الطابور الخامس "منهم فيهم "!! و هى طريقة معتمدةو مجربة فى كل مكان مهما اختلفت طبيعته أو مجاله دس عنصر داخل الجماعة انتمائه و ولائه لغيرهم و يكون جاسوسا ينقل الاخبار و يدفع الجماعة لتقبل الوضع و يحثهم على الرضا و التقبل و إطاعة الاوامر و الرؤساء ينقل ما يجب نقله من أخبار بين كلا الطرفين من فوق لتحت و من تحت لفوق –عصفورة يعنى_ وما أكثر العصافير حولنا .. ثم تتابع موجهه حديثها لأم دنيا: ما خلاص بقى يأختى متزعليش نفسك ولا تأخدى جوانى وحش عليك ده انت عندك عيال عايزينك اعملى زينا ما كلنا بالعين و ساكيتن....

احنا اية دخلنا فى الكبار اديك شايفة هم المعليمن فى بعضهم ميقدروش يعملوا حاجة لبعض كل معلم ماسك منطقة و مسرح فيها العيال السريحة تبعه و محدش يقدر يهوب من منطقة التانى نروح فيهم فين دول احنا يا غلابة يا صغيرين قوى؟؟؟؟؟؟ آه يانا ... عارفين : أيوة " فِردْة " بس نعمل اية هو فى بديل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تبكى أم دنيا بحرقة هذه المرة و يبدو أن هذه إجابتها و تأكيدها فيبدو حقا إنه مفيش بديل...على الاقل بالنسبة لظروفها؟؟؟؟؟؟

تنتهى الخناقةو العويل ببكاء أم الدنيا الحار و تتطوع أم العريف بالوقفة فى وسط الرصيف صائحة لصرف الناس و تفريق الجمع : يالا يا جماعة كل حى يزوق عجلة و يروح يشوف مصلحته و يورينا عرض كتافة ايه هى سيما؟؟



أتحرك مسرعة أنا الأخرى رغم إن الكلام ليس لى لكن" الأمر ما يسلمش برضو " أعود إلى تأملى و تحسس خطواتى متحسسة ذلك الظلم و القهر فى كل مكان فى تلك الحياة و مع هذه الأوضاع إنه الواقع و على رأى زميلة أم الدنيا فى الكفاح : إنه مفيش بديل؟؟

هل حقا مفيش بديل يعنى نستسلم لكل طاغيةو فتوة و مفترى؟؟ أ ليس هذا المعلم الذى يأخذ فِردة منهم بدون وجة حق ؟؟ هو بلطجى أصيل؟ أليس هو نفسة ذلك الأسطى الكبير فى موقف الميكروباصات الذى يأخذ "الكارته "من كل سائق نظير حمايته و استمراره فى عمله؟ أليس هو ذلك الفتوة القديم الذى كان يجمع "الإتاوة و الجباية" من كل الضعفاء و المقهرين بالغصب والإقتدار كان ذلك قديما نظير الحمايةو اليوم.......نظير المريسه و المنظرة و فرض القوة و فرد العضلات على كل ضعيف و قليل الحيلة ............

أليس هو نفسه ذلك البلطجى على صغير الذى يحتكر رصيف ما أو أسفل كوبرى أو حتى شارع و يعمل نفسه "السايس "بتاعةو يجمع كل ما يستطيع جمعه مقابل توفير مكان لركنة السيارة اللى هو أصلا شارع الجميع ؟و الذى نصب نفسه الحاكم بأمره عليه أليس هذا نموذج مصغر من الفتوةو البلطجى الذى يجبرك على الدفع بدون أى سبب أو خدمة و إلا يوقفلك فيها فاذا لم تعطه اللى فيه النصيب تجده يعيقيك بأى طريقةو يضع أشياء على الرصيف تمنع الحركة و الركن و نظام "فيها!! يا أخفيها!!! ."...... .......

أليست هذه التجارة - تجارة الأرصفة- تجارة من الهوا دون عمل .إنها تجارة بلطجة.كله بيبلطج........ذلك السايس الذى يعتبر الرصيف رصيفه يبيع و يشترى فيه .مع إنه رصيف عام

و ذاك المعلم ألا يعتبر الرصيف عزبته الخاصة و ملك من أملاك باباه حيث يقرر من يجلس عليه يرتزق و من لا و يأخذ و يقاسم الجميع بالقوة و الجبروت فى أرزاقهم!!

أليس هو ذلك السائق الذى يجلس على الرصيف يجمع "الكرتة "او مهما يسمونها من كل ميكروباص خارج محمل نظير استمرارة فى العمل!!!!

ألم ينصبوا أنفسهم جمعيا أصحاب أملاك و أراضى و عزب و أطيان و يقاسمون الجميع فى أرزاقهم بالقهر والظلم والغصب و الطغيان

ألم يصبحوا –تجار الأرصفة- بلطجيةو فتوات و بسكوت الجميع عليهم يصبحون عتاه و طغاه و فراعنة أخرين فكم نرى من طغاه و فراعنه ساد عصرهم لسكوت الناس عليهم .........و على رأى المثل الشعبى البسيط قال إيه فرعنك يا فرعون ....و أنتم عارفين الباقى بقى ...

مثلهم تتحول هذه الأرصفة إلى ممالك للظلم و القهر والطغيان والهوان و كلّ يمارس القهر على المستضعفين والمقهورين و كل من هو أضعف منه ..........

كل من يجد لنفسه مكانا يصنع منه فرعونا جديدا يسارع بإحتكارة و تسيده ليصنع منه أصحاب هذا المكان ديكتاتورا و فرعونا جديدا...........و يتمادى هو فى طغيانه و يتمادون هم فى الشعور بالقهر و الهوان.......

مثلما فعل كل هولاء الباحثين عن الرزق فوق الأرصفة و صنعوا من كل هولاء طغاه و بلطجية و فتوات ..... صنعوا العديد منهم ......من تجار الأرصفة.................



فاطمة عبد الله

من كتابى - تبيع دماغك؟ !؟

حبة حروف : من ارتضى الهوان هان - كلماتى

لا تسقيني ماءَ الحياة ِ بذلة ٍ
بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل
ماءُ الحياة ِ بذلة ٍ كجهنم
وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل ( عنترة بن شداد
)


إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر ( أبو القاسم الشابى )

ايش فرعنك يا فرعون قال ملقتش حد يلمنى (مثل شعبى
)

ليست هناك تعليقات: